الدعوة مغلقة حالياً

قصتنا

أخذت متاحف قطر في السنوات الأخیرة على عاتقھا مھمة إحیاء وتأھیل الأحیاء التراثیة في الدوحة، ومن بینھا حي النجادة، في قلب الدوحة. یعود تاریخ ھذه المجموعة من المنازل التي كانت مملوكة لعائلات قطریة بسیطة إلى ثلاثینیات القرن الماضي.

كان الحي عبارة عن منازل متراصة جنباً إلى جنب، مع ممرات ضیقة تخلق أنفاقاً للریاح، بینما كانت أسطح المنازل بمثابة أسِّرة للمقیمین للنوم تحت النجوم في اللیالي الدافئة، وصممت مداخل المنازل لحمایة خصوصیة العائلة عند دخول ضیوف جدد، حیث تنعكس ثقافة الماضي في كل تصمیم داخل ھذا الحي المثالي، والذي یتم الآن إعداده لاستضافة مجتمع إبداعي للمستقبل.

تھدف المبادرة المسماة “التراث الحي” إلى إبراز أصالة المواقع التراثیة التي تعد المنصة المثالیة لمدینة الثقافة والفن والإبداع، حیث تسعى إلى تعزیز العرض الثقافي والتعلم وتبادل الخبرات، ودعوة المبدعین في قطر والعالم.

التاريخ والأهمية

فريج النجادة هو أحد الأحياء التراثية القديمة بمدينة الدوحة التي يعود تاريخها إلى بدايات القرن الماضي. تتميز كمنقطة بعدة مزايا أهمها أنها احتفظت بتركيبتها العمرانية حتى أصبحت تعد اليوم واحدة من آخر البقع داخل مدينة الدوحة التي مازالت تحافظ على وحدتها ككتلة متكاملة ونسيج متصل موحد فيما يعرف تقليديًا بمسمى “الفريج”.

ورغم التطور والتغير السريع للمنطقة، مازال القطاع يحافظ على جزء كبير من تركيبته، بينما شهدت المساحات المحاذية للموقع تغيرات متعددة من إضافات عمرانية ومن تغير لنمط الانتفاع ومن تعديل في مسارات الطرق. حافظت النجادة رغم كل ذلك على معالمها الرئيسية بشكل كان يدعوا للدراسة والاهتمام.

بلا شك فإن مدينة الدوحة تحتوي عدد من المباني التراثية التقليدية والقصور التي تفوق بعمرها فريج النجادة، إلا أنها متوزعة ومتناثرة ضمن المخطط العمراني الحديث. إن ما يميز النجادة هو استمرارها في هيئتها دون تقسيم ودون فقدان للنسيج المترابط الأمر الذي أتاح لها فرصة الاستمرار وعدم الاندثار ضمن التطور العمراني السريع الذي شهدته مدينة الدوحة أواخر القرن الماضي وفي مطلع القرن الحالي. إذا ابتعدنا قليلاً عن مدينة الدوحة فإن تركيبة العمرانية لفريج النجادة يمكن رؤيتها في القرى الواقعة في شمال دولة قطر والتي كانت عادة تحتوي على مسجد ومجلس مشترك ورغم سكن سكان القرى في منازل منفصلة كان ينظر للقرية بهيئة المسكن “المشترك” فكل سكان القرية مترابطون أسريا أو معنويا وترابطهم جوهري لاستمرار المعيشة في ظل الظروف الصعبة في القرى. إذا ما نضرنا إلى فريج النجادة من هذا المنظور نرى نوعاً من هذا التشكيل وكأنها قرية ضمن مدينة!! حيث ارتبطت المنطقة وسكانها ببعضهم البعض بشكل وثيق واعتمدوا اعتمادا كبيرا على المجلس المشترك مما ساهم في استمرار المنطقة وعدم تغيرها رغم صغر أحجام المباني مقارنة بمناطق الأصمخ ومشيرب والغانم وغيرها.

الموقع

يحتوي فريج النجادة بصورته الحالية على 17 منزلا أحدها مجلس بالإضافة إلى مساحات خارجية متعددة، وتتميز المباني بطابعها التقليدي القطري، فكل منزل يحتوي على فناء مركزي بينما تتوزع الغرف حول الفناء لتضفي طابع من الخصوصية كما هو متعاهد عليه في المعمار التقليدي القطري بالإضافة إلى “الليوان” المغطى في المساحات أمام غرف المعيشة. بطبيعة الحال فإن المباني ذاتها استخدم في بنائها مواد البناء التقليدية من الحجارة والطابوق البحري أو “الصبان” بالإضافة إلى أخشاب الدنشل التي كانت تستورد من الهند والسواحل الشرقية لإفريقيا وغيرها. ورغم أن أغلب المنشآت الموجودة في الموقع يعود تاريخها إلى فترة الستينات من القرن الماضي إلا أن سكان المنازل كانوا يقومون بإدخال إضافات تدريجية على مساكنهم في ذاك مواقعها التي تسبق هذا التاريخ من خلال بناء غرف معيشة إضافية أو تحديث المنزل باستخدام مواد جديد كالانتقال من خشب الدنشل للخشب المربع أو توسيع الغرف وبناء طابق إضافي.

بالإضافة إلى المنازل التقليدية، يحتوي فريج النجادة على مجلس يعرف بمجلس براحة الجفيري والذي أنشئ في عام 1940م والذي كان حتى وقت قريب مكانًا شهيرًا لسكان النجادة والجسرة يجتمعون فيه للتواصل الاجتماعي ومناقشة القضايا الشائعة. وقد أضفى المترددون على المجلس الكثير من الحياة إلى المنطقة، وأعطوا الحيوية للمنطقة المجاورة من خلال تفاعلاتهم الاجتماعية. ونحن الآن بصدد تنفيذ المساحات الخارجية وفق تصميم مميز. وضع هذا التصميم ليساهم في خلق مساحات تفاعلية تربط الداخل بالخارج وميادين للفعاليات ومدرج مفتوح ومنصات بيع متنقلة وغيرها.

فريج النجادة يتوسط منطقة تحتوي العديد من الأسواق ومراكز البيع مثل سوق واقف وسوق النجادة وسوق الأصمخ وحديثًا نقاط التسوق في منطقة مشيرب، وغيرها. يتدفق الكثير على تلك الأسواق من أجل الحصول إما على السلع التقليدية أو المنتجات الدولية. وعلى الرغم من ثراء عروضها فهناك عامل مشترك فيما بينها وهي أنها تركز على عرض المنتجات المصنعة في الخارج دون تطوير أو محاولة لمواكبة المعرفة والمواصفات المعاصرة. مما أوجد فجوة بحاجة للمعالجة مما أوجد فكرة إعادة إحياء فريج النجادة ومهد الطريق لهذا المشروع الحيوي.

 

الترميم

إن مبادئ الترميم هي علم راسخ يتم فقدانه تدريجيا مع التقدم العمراني. من خلال مشروع النجادة والتعاون مع هيئة الأشغال العامة قامت متاحف قطر تمت إعادة ترميم المباني باستخدام جميع المواد الأصلية، وباستخدام الطرق التقليدية القديمة التي اكتشفنا من خلالها أسباب بعض العمليات التي يتم تنفيذها (مثال: معالجة الدنشل). بالإضافة إلى ذلك فقد تم توثيق العملية بشكل حديث مما يعني أن هناك منهجية وخطوات معينة وموثقة تم اتباعها خلال أعمال الترميم من خرائط ومخططات تنفيذية والمخططات الكهربائية والمعمارية وحصر للمواد والأدوات المستخدمة في التنفيذ، الأمر الذي لا يعني إمكانية إعادة ترميم النجادة مستقبلاً فحسب، بل يعني كذلك إمكانية إعادة تطبيق الفكرة على نطاق أوسع في جميع المباني التي تنتمي لذات الحقبة الزمنية.

هناك أمر آخر ننفذه في متاحف قطر كمبادرة جديدة في عملية التدخل. تقوم متاحف قطر بترميم والمحافظة على العديد من المباني والمواقع التراثية والأثرية في دولة قطر منذ عدة سنوات. لكن هناك ما يميز الأعمال في النجادة. كان جل التدخل الذي تقوم به متاحف قطر هو تدخل “إنقاذي” يهدف إلى المحافظة على المعلم التراثي دون إدخال أي استخدامات جديدة. الأمر الذي يطول عمر المنشآت لكنه لا يجدد الرواية المرتبطة بالموقع. إعادة سرد التاريخ تحافظ على الرواية السابقة مما يعطي أهمية للمباني لفترة من الزمن تبدأ بعدها المباني بفقدان أجزاء من الرواية وعندما نفقد جزءاً كبيراً تبدأ المنشآت بفقدان جزء من قيمتها المجتمعية. من خلال منح الموقع استخداماً جديد فإننا نمنح المباني رواية جديدة لتقصها على زوار الموقع مما يضمن استمرارها لفترات زمنية أطول، لذلك فإن إعادة تفعيل هذه المباني هو من صميم المحافظة عليها كمعالم تراثية للمجتمع القطري. وقد شهدنا أمثلة مشابهة نذكر منها على سبيل المثال مطافي مقر الفنانين الذي ربما لم يكن ليستمر لولا إعادة توظيفه لاستخدامه الجديد.

الآفاق المستقبلية

بعد الانتهاء من جميع أعمال الترميم سيكون فريج النجادة مساحة مخصصة بالكامل للمشاة ذات اتصال مباشرة بين المباني والمساحات الخارجية، وبعد الانتهاء من اختيار شركائنا في هذه المنطقة ستوفر النجادة بيئة للتآزر بين الحرفيين والفنانين والمصممين المعاصرين والمبدعين من أجل التبادل المعرفي والثقافي لإنتاج منتجات محلية الصنع جيدة التصميم وترسيخ العلامات التجارية القطرية المحلية. ويهدف هذا النمط التصميمي إلى الربط بين المجتمع والتراث الثقافي والاقتصاد مما يؤدي إلى خلق مساحة فاعلة تؤدي بالنتيجة إلى المحافظة على أصالة المكونات التراثية في فريج النجادة وتنمية الصناعة الإبداعية في ذات الوقت.

اتصل بنا

سجل اھتمامك أو شاركنا خططك أو اطلب زیارة للموقع. نحن ھنا لمناقشة خططك والإجابة على أي سؤال